الاثنين، 26 ديسمبر 2011

حمزة نمرة يكتب: عفواً..انتهى زمن العوالم


حمزة نمرة يكتب: عفواً..انتهى زمن العوالم

الجريدة(خاص) – كتب حمزة نمرة
حينما تستمع إلى أغنية ما، ثمة ذبذات صوتية تنتقل عبر الهواء لتستقبلها الأذن ثم تترجم إلى حزمة رسائل عاطفية داخل المخ، هذا الرسائل يمكن أن تكون إحساساً بالسعادة مثلاً أو بالحزن، بالحيوية أو النوم، بالعظمة أو بالتواضع..
من ضمن الرسائل المشفرة أيضاً داخل كل أغنية، ما يعرف بإسم "الهوية الفنية" أو "Artist's Identity” وهي الصورة التي تنطبع في ذهن المستمع عن صاحب العمل الموسيقي بمجرد سماع الأغنية، ويتحكم في تشكيل هذه الصورة عوامل عديدة، من أهمها موضوع الأغنية والكلمات واللحن ونوع الموسيقى، مروراً بالصورة المطبوعة على الغلاف (المظهر العام – الملابس – العمر) بالإضافة إلى العوامل المرتبطة بنظرة المجتمع لهذا الفن والثقافة السائدة. ودعني أعطي مثالاً هنا.

فريق البيتلز "The Beatles” خلال7 سنوات – عمرهم الفني – تستطيع بوضوح إدراك التحول أو التطور لهويتهم الفنية من ألبوم إلى آخر.

فأول ألبوم مثلاً وهو "I Want to Hold Your Hand”
من خلال سماع بعض أغانيه ستتكّون بداخلك صورة ذهنية لمجموعة موسيقية مرحة من الشباب المفعم بالحيوية لا يشغلهم سوى المواضيع العاطفية السطحية.

بينما إذا استمعت إلى ألبوم "White Album” ستجد إختلافاً شاسعاً بينه وبين الهوية الفنية في الألبوم الأول!

فهنا تجدهم شباباً ثورياً يتحدث عن موضوعات فلسفية أحياناً ولهم رؤية خاصة عن الحياة!

في مصرنا الغالية، وعلى مدى المئة عام الأخيرة، وبالرغم من تطور نوع الموسيقى وامتزاجها بالأنماط الغربية العصرية، إلا أن الهوية الموسيقية للغالبية العظمى من نجوم الصف الأول من الفنانين تطابقت تماماً مع القالب الكلاسيكي للفنان: ذلك الـ"جان"العاطفي المحبوب من الفتيات، الذي ليس له دخل بالسياسة ولا بأي موضوعات مهمة، هو فقط من أجل الفرفشة والنهنهة لا أكثر ولا أقل.
وهذا بالتالي يحتّم على نجوم الصف الأول من تلك النوعية، أن يكونوا آكلي عيش والسلام، ونظراً لأنهم أفضل وسيلة لتنويم الشعب وإلهائه، تأخذهم السلطة تحت إبطها تحت شعار أعطني ولاءك أفتح لك خزائن الأرض.
 والنتيجة هي حضور إعلامي وسيطرة ونفوذ لهؤلاء الفنانين فيما يشبه الاحتكار.
لذلك حين أتت ثورة 25 يناير، وضعت هؤلاء النجوم في مأزق هائل، فقد آثرت الأغلبية العظمى من نجوم الصف الأول الدفاع عن النظام كرد فعل طبيعي تجاه حكم ظل دهراً يفتح لهم الأبواب المغلقة ويقف بجانبهم وقت الشدة والمرض (وهذا ليس حناناً من السلطة إنما هي المصالح يا عزيزي). وأظنهم توقعوا بأنها مجرد هوجة ستنتهي بهم إلى كسب مزيد من الأرض مع السلطة.

أعتقد أن الفترة القادمة ستكون فترة مشرقة في تاريخ الموسيقى في مصر، سنرى فيها تحولاً جذرياً في الهوية الموسيقية للفنان المصري، سينتهي زمن الراقصين والمطبلين على الموائد التي تدفع أكثر، سينتهي زمن العوالم، وستبدأ موجة جديدة من الوعي الفني، موجة من الالتحام مع هموم المجتمع وقضاياه المصيرية، كما سنراه أخيراً وبوضوح.. هذا الفنان المصري، صاحب الفكر والرؤية الخاصة للحياة.
وتحيا مصر
حمزة نمرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نرحب بكل محبى فن حمزه نمرة..